في ذلك العمر الذي كنا نقرأ فيه جمهورية أفلاطون، وحواره عن العدالة في نفس الإنسان والمدينة، لم نكن آنذاك نقارن بقلق وخوف بين جمهورية أفلاطون وجمهوريتنا. فإزاء الفضائل الأساسية الأربع التي وضعها أفلاطون لجمهورية فاضلة، الحكمة والعدالة والشجاعة والاعتدال، ندرسها للمعرفة وتوسيع آفاقنا الأنسانية، كنا نعيش في وطن هنيء، غرّيد، صاغه سعيد عقل وشيّد له صدى كونيا بحجم الحلم:
الآن يكتب الإعلامي عادل مالك عن حرب السنتين، فيطرح على نفسه وعلى الآخرين السؤال: لماذا الآن؟ ويختتم جوابه الطويل بسؤال آخر: وبعد؟ الاستفهام الابتدائي استفهام واضح غير مغلق، فأن تسأل الآن فهذا يعني أن ما كان في الماضي ما زال يدّب حياً في الراهن، وما ظن كثيرون أنه صار مادة في كتاب قديم، ما زال قلم الأحداث والمعطيات اللبنانية وغير اللبنانية، يضيف إلى سطوره سطوراً. حقيقة «التمدد» الحدثي اللبناني بين الأمس واليوم، جعلت عادل مالك ينهي فصول مطالعته بفصل «... وبعد» ليقول أن الرحلة اللبنانية الداخلية لمّا تبلغ محطتها الأخيرة، ولعل هذه المحطة ما زالت بعيدة المنال. لكن، ما هي المادة الحديثة الإعلامية التي حفل بها جهد عادل مالك في كتابه «حرب السنتين... وبعد؟» (منشورات سائر المشرق - لبنان).
نظّمت دار سائر المشرق ندوة حول كتاب ''مواطن سابق لوطن مستحيل''، للأستاذ فايز قزّي الذي حلّ ثالثًا في مبيعات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب عن فئة الكتب السياسية، يوم الخميس الواقع فيه 14 كانون الأول، في مبنى المجلس العام الماروني.
تشهد الكتابة الروائية ازدحام كتّاب، لا يسلكون طريقاً واحداً مشترَكاً، على رغم أنّ وُجهتهم المقصودة هي واحدة، الوصول إلى البيت الروائي. معايير وأسس الكتابة الروائية لم تعُد قواعد صارمة محدّدة مفروضة على الكاتب كي يلج هذا الميدان. جمالية اللغة، تميّز الأسلوب، وجذب القارئ أصبحت هي معايير نجاح الرواية من دون أيّ قيود.
منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، عادت روسيا لتتصدّر العناوين الكبرى وتصبح أكثر انخراطًا في الأحدات الإقليمية والدولية، لا سيما مع وصول رجل المخابرات السابق فلاديمير بوتين إلى سدّة الرّئاسة ووضعه حجر الأساس لعقيدة ستعرف لاحقًا بالعقيدة ''البوتينية''.
''دفاتر نوح''، رواية للكاتب عبد الحليم حمود (دار سائر المشرق)، تتصفّحها، تقرأها، تغوص في فصولها كأنك في بحيرة من الجليد المشتعل. تبحث عن إطارها فلا تصل إلى جواب. تحاول أن تلخصها فتُخطئ في الحساب. تتساءل: أهي رواية أم سيناريو لفيلم من إبداع فرانز كافكا؟ تعود إلى العنوان لعلك تفهم الموضوع: دفاتر نوح. ونوح، كما يؤكّد الكاتب، لا علاقة له بنوح التوراة. إنه رمز لمناضل جزائري كان يحمل هذا الاسم، واستشهد في لبنان دفاعاً عن القضية الفلسطينية. أما نوح الرواية فهو رسّام يخطّ أفكاره الموسوعية في دفاتر متنوّعة الألوان وفقاً لموضوعاتها. ولشدّة حرصه على كنزه الفكري هذا، وضعه في خزنة لها قعر سرّي.
الكاتب فايز قزي في كتابه الأخير ''مواطن سابق لوطن مستحيل''، وبعد مسيرة سياسية طويلة متعددة الأبعاد والخبرات، وصل إلى استنتاج بأن العيش المشترك في لبنان ليس في المستطاع. وفي زمن التجاذبات الطائفية والمذهبية الحادة التي تعيشها المنطقة العربية والأسئلة الكبيرة المطروحة على مستوى مستقبل الكيان اللبناني ونوعية العلاقات الواجب أن تربط مواطنيه أو أبناء المجموعات الطائفية المكوّنة للبنان، يدعوكم دار سائر المشرق إلى ندوة حول كتاب ''مواطن سابق لوطن مستحيل'' الذي حلّ ثالثًا في مبيعات المعرض الدولي للكتاب العربي عن الفئة الكتب السياسية.
تتخّذ ناتالي الخوري غريب من التعدّدية الدّينيّة والفكريّة والثقافيّة فضاءها الرّوائي الذي تعرّي فيه شخوصها أمام ذواتهم، ومن ثمّ الآخرين. ففي روايتها الثّانية، هجرة الآلهة والمدائن المجنونة، الصّادرة حديثاً عن دار سائر المشرق، والتي تندرج أيضاً ضمن خطّ الرّواية الفكرية، تعالج الكاتبة المآزم الإيمانيّة التي تنعكس على اضطراب الدّاخل النّفسي جرّاء الحروب. إذ استطاعت أن تتّخذ من الموت في كثير أسبابه، كالحرب والأوبئة والقدر، سبل إظهار اختلاف المواقف الايمانيّة: التزاماً طقوسيّاً أو إيماناً عميقاً أو عتاباً شديداً تذكّرنا بصرخة مكسيم غوركي في روايته» أين الله؟»
يختم نزار يونس كتابه بعبارة يخاطب بها أهل الحراك المدني قائلًا: ''الرهان على عودة الوطن ومستقبل أجياله الطالعة محكوم بانتصار حراككم المبارك لقيام الحاضنة الشعبية للفكر المتحرر من التعصب والعنصرية والطائفية. ويفرحني أن أراهن على إرادتكم التي تصنع التغيير وعلى العقل المخطط الذي يختصر الطريق، وعلى حكمة من قال، الرأي قبل شجاعة الشجعان''
عندما اندلعت الحرب الكبرى الأولى سنة 1914، دقّت ساعة الحقيقة: العثمانيّون قرّروا أن يقضوا على مشروع التحرّر اللبنانيّ، متوسّلين الحصار البرّيّ والإرهاب والقتل جوعًا وإعدامًا... آثر اللبنانيّون الصمود والمقاومة، معتبرين أنَّهم بلغوا آخر أمتار السباق، وأنَّ ثمن الحرّيّة مهما غلا يبقى زهيدًا. هذا فضلًا عن حصار الحلفاء البحريّ الذي شكّل بمفاعليه امتدادًا لحصار العثمانيّين واستكمالًا له في لعبة أمم شيطانيّة دفع اللبنانيّون ثمنها.
Copyright 2013 Mon Liban | All Rights Reserved | Web-tronic
